dimanche 3 juillet 2011

رؤوس متلاصقة


 
يلبس نظارة سوداء
في ليلة سوداء
يغطي بها سواد عينيه
التي ما عادت تبصر سوى السواد
بين يديه المشققتين من برد الشتاء
و عناء العمل و قيظ اللظى و الصيف المضني
رغيف خبز يابس..يتحسسه..لا يأكله
لعله شبع أكلا من سقم الحياة
تقاسيم وجهه جميلة رغم قساوتها
تملؤها تجاعيد تحكي تاريخ حياة
هي أشبه بالأسطر المتلاصقة
جسمه ينكسر مع انحناء الحائط الذي يتوسده
هزيل...
لكن ابتسامته تعلو شفاهه
لعله يتخيل النور الأسود يدخل سواده
أو ظلمة العتمة تنير حياته
لعله يتذكر كيف كانت الألوان
لعله يفكر كيف صار الإنسان
لعله يتذكر ذكريات ما مضى
ذكريات التمرد و الشباب
يسترجع ذكريات الحبيبة و الأصدقاء..
يلعن رجال الساسة و الفقهاء
يسب الجند و البيادق و الآلهة و...و...
يستل قارورة خمر من جيبه
إنها مخرجه الوحيد أو إنها مذهبه الوحيد
تمر الأيام و هو لا يمر
يمر الزمن و هو ينتظر
لعلها حالنا كما حاله
فنحن نتوهم الحياة و هو يتوهم السعادة
يحاول الصراخ جاهدا لكن حنجرته تأبى ذلك
يحاول أن يبكي لكن مقلتيه تأبيان ذلك
يصارع الاختناق
يصارع الفراغ الذي سكنه.
يشرب ثم يشرب ثم يشرب لقد نفذت منه
نفذ ترياق العذاب و اصطدم بالواقع
ينتفض يركض و يتعثر يسقط
تنفذ منه الحياة و يذبل
تمتصه الذكريات
تفرغه الآلام
ينظر إلى السماء
إلى الإله ربما
يصرخ في صمت
و يصمت في صمت
مجرد جسد ملقى على قارعة الطريق
بين الأجساد المارة المفرغة من الحياة
انتهت رحلته ربما
أو انتقل إلى المحطة التالية ربما
شبيهان متشابهان
نحن و هو فاقد بصر يفر من الحياة
أو يتشبث بما بقي من الحياة
و فار من الحياة يتشبث بما بقي من الحياة

خلدون باجي عكاز

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire